السبت، 25 أكتوبر 2025

نازاروف: من سيموت أولًا في حرب الاقتصاد والدين؟

الخبير الاستراتيجي الروسى ألكسندر نازاروف

موسكو - أ.ق.ت - فادى لبيب : يؤكد الخبير الاستراتيجي الروسى ألكسندر نازاروف أن الدين العالمي، الذي بلغ نحو 337 تريليون دولار، لم يعد مجرد رقم مالي ضخم، بل أصبح مؤشرًا على خلل جوهري في النظام الاقتصادي العالمي ...

ويشير إلى أن هذا الرقم يعكس فائضًا هائلًا في الإنتاج، قائمًا على طلب مصطنع تم خلقه عبر القروض والتوسع الائتماني غير المحدود.


ويشرح "نازاروف" أن "العالم بنى على مدى العقود الماضية مصانع إضافية، واستخرج كميات هائلة من الحديد والنفط، وأنتج سيارات وبلاستيك وإسمنت أكثر مما تحتاجه البشرية فعليًا". ويضيف أن الأجور التي دُفعت للعمال في هذه الصناعات خلقت طلبًا جديدًا، مما زاد بدوره من حجم الإنتاج، ودفع الدورة الاقتصادية إلى فخ النمو القائم على الدين.


ويحذر الخبير الروسى من أن انهيار هذا الهرم المالي سيؤدي إلى تراجع الطلب العالمي بأضعاف الرقم المعلن للدين. ويقول: "الناتج المحلي الإجمالي العالمي يبلغ 111 تريليون دولار فقط، أي أن إعادة التوازن للنظام الحالي تتطلب أن يتوقف العالم عن العمل لمدة ثلاث سنوات كاملة — وهو أمر مستحيل عمليًا".


ويرى "نازاروف" أن السيناريو الواقعي هو أن "ينخفض الإنتاج العالمي إلى النصف خلال عقد من الزمن"، مشيرًا إلى أن هذا الانخفاض سيكون غير متساوٍ بين الدول. فبعض الاقتصادات قد تتراجع بمقدار الثلث، وأخرى قد تخسر حتى 80٪ من قدراتها الإنتاجية، وهو ما سيؤدي، بحسب قوله، إلى المجاعات، والاضطرابات الاجتماعية، والهجرات الجماعية، وانهيار البنى الصناعية في مناطق واسعة من العالم.


ويشير نازاروف إلى أن "الولايات المتحدة وأوروبا والصين تخوض الآن صراعًا غير معلن لتحديد من سيدفع الثمن الأكبر لإنهيار النظام القائم". ويرى أن أوروبا هي الضحية الأولى، حيث بدأت صناعتها تتفكك نتيجة فقدان الطاقة الروسية الرخيصة، وعدم قدرتها على منافسة الصين في الكلفة والإنتاجية.


ويتابع الخبير موضحًا أن "السنوات الخمس إلى العشر القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير النظام الدولي"، إذ سيتعين على الولايات المتحدة والصين أن تختارا من منهما سيبقى على قيد الحياة اقتصاديًا. ويؤكد أن التوصل إلى اتفاق شامل بين القوتين أمر مستحيل من حيث المبدأ، لأن "الاقتصاد العالمي لا يتسع لعملاقين في الوقت ذاته".


ويضيف "نازاروف" أن واشنطن، رغم إدراكها أن الصين تمثل التهديد الأكبر على المدى الطويل، "لا تستطيع الخروج من هذا الفخ دون صدام مباشر أو غير مباشر". ويشير إلى أن "أوروبا تسير بالفعل نحو الانهيار، ومع تفاقم التوترات العالمية، يقترب العالم أكثر من حافة حرب كبرى، قد تبدأ في أوروبا وتمتد إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والصين".


ويختتم الخبير تحليله بالقول إننا "نشهد نهاية دورة حضارية كاملة؛ فالنظام القائم على الدين والنمو اللامحدود ينهار أمام أعيننا"، محذرًا من أن "المرحلة المقبلة لن تكون أزمة مالية فحسب، بل تحولًا وجوديًا يحدد من سيبقى فاعلًا في التاريخ ومن سيختفي نهائيًا".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق